هل أحتاج إلى عملية إنقاص الوزن؟ ما هي أفضل عملية بدانة بالنسبة لي؟

حسناً إذا رجعنا إلى الوراء في التاريخ فيمكننا إلقاء اللوم على الثورة الزراعية في تغيير نمط الحياة من الصيد والجمع إلى الزراعة، حيث أصبح الكثير من الطعام متوفراً ولم يعد هناك من داعٍ للركض وراءه! فمن المؤكد أنها أدت إلى زيادة السمنة. لكن مع ذلك لم تكن السمنة شائعة حتى قبل عقدين من الزمان. خلافاً للحالات الطبية الأخرى التي تهاجم البلدان ذات الاقتصاد المنخفض بالدرجة الأولى فإن السمنة تسود في الدول الغربية الحديثة التي تكثر فيها الأطعمة عالية السعرات الحرارية وقواعد الحياة الخاملة بدنياً.

ومع ذلك ففي الماضي كان الناس أكثر نشاطاً بدنياً في جميع المجتمعات تقريباً، وكانوا يقومون بالعديد من مهامهم بأنفسهم. لكن القرن الحادي والعشرين جاء بآلات وأدوات وتطبيقات أكثر تقدماً لتسهيل حياتنا أكثر. لكن النتيجة كانت ارتفاعاً حاداً في عدد الأشخاص الذين يعانون من البدانة.

إننا نواجه اليوم جائحة البدانة التي تؤثر على الناس في كل أنحاء العالم لكن تأثيرها أكبر في البلدان المتقدمة. ففي الولايات المتحدة يعاني 1 من كل 3 أشخاص من البدانة. وهذا الرقم يرتفع إلى 70% إذا أضفنا أيضاً عدد الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن.

رغم أن اكتساب بضعة كيلوجرامات ليس مشكلة كبيرة، إلا أن وجود الكثير من الدهون الزائدة يُعتبر مرضاً ويترافق مع كثير من المضاعفات ومع زيادة خطر الإصابة بأمراض أخرى.

سنتعرف في هذه المقالة على مقدار الوزن الزائد الذي يعتبر مرضاً وعلى خيارات العلاج المتاحة وسنناقش أيضاً أفضل عملية بدانة صحية لعلاج هذه الحالة.

من منا لديه وزن طبيعي؟ ومن يعاني من البدانة؟ ومن يعاني من زيادة الوزن؟

البدانة حالة مرضية عندما تزيد دهون الجسم عن المقدار الطبيعي بشكل يؤثر سلباً على صحتك ويؤدي إلى مضاعفات. وحتى يُعتبر الشخص بديناً فإن وزنه يجب أن يزيد عن المعدل الطبيعي بنسبة 20% على الأقل. بما أنه يتم حساب زيادة الوزن والبدانة بالمقارنة مع الوزن الطبيعي الصحي فإننا بحاجة أولاً إلى معرفة ما يُعتبر وزناً صحياً.

في حين أن الوزن المثالي هو الوزن الذي نشعر معه براحة تامة ولا يسبب لنا أية مشاكل صحية إلا أنه لا يتم تحديده بناءً على أذواق الناس وعلى ما يُعتبر شائعاً أو مقبولاً في ضوء اتجاهات الموضة والتيار السائد. بل بدلاً من ذلك فإن هناك معايير معينة يتم بناءً عليها تصنيف الأشخاص إلى أشخاص أصحاء وذوي وزن منخفض وذوي وزن زائد وأشخاص مصابين بالبدانة.

مؤشر كتلة الجسم (BMI) هو مؤشر يُستخدم لتقييم ما إذا كان الوزن طبيعياً أم لا. يَستخدم مؤشر كتلة الجسم كلاً من الوزن والطول لتقديم مؤشر نسبي. لحساب مؤشر كتلة الجسم فإن عليك تقسيم وزنك بالكيلوجرام على مربع طولك بالمتر. مثلاً الشخص الذي وزنه 65 كيلوجراماً وطوله 1.72 متراً يكون لديه مؤشر كتلة جسم يساوي 21.97.

والآن دعونا نرى من يعتبر ذا وزن طبيعي ومن ليس كذلك بناءً على مؤشر كتلة الجسم.

إذا كان مؤشر كتلة جسمك يقع في المجال من 18.5 إلى 25 فتهانينا، لديك وزن صحي. شخصياً قد يكون لديك تفضيل بأن يكون وزنك أكثر أو أقل ليبدو جسمك أنحف أو أكثر امتلاءً لكن الأمور ستكون على ما يرام طالما أن مؤشر كتلة جسمك لن يتجاوز هذه الحدود زيادةً أو نقصاناً. وبناءً على هذا فإن الشخص الذي يكون مؤشر كتلة الجسم لديه أقل من 18.5 يُعتبر منخفض الوزن، في حين أن الشخص الذي يعاني من زيادة الوزن هو الشخص الذي لديه مؤشر كتلة جسم أكبر من 25 لكنه لا يتجاوز 30. والأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة جسم أكبر من 30 يعانون من البدانة والتي تعتبر مرضاً مثلما ذكرنا سابقاً.

ما هي مخاطر البدانة؟

إلى جانب تأثيرها السلبي على نوعية الحياة وإبطاء حركتك والحد منها فإن البدانة تزيد خطر الإصابة بأمراض وحالات طبية أخرى إلى درجة كبيرة، ومن المرجح أن يدخل الأشخاص البدينون إلى المستشفى مقارنةً بالأشخاص ذوي مؤشر كتلة الجسم الطبيعي.

إن زيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والتهاب مفصل الركبة هي بعض المضاعفات الرئيسية للبدانة. ويمكننا أيضاً أن ننظر إليها من زاوية أخرى لنرى مدى خطورتها. إذ تبين الدراسات أن خطر الوفاة ينخفض بنسبة 30-40% لدى الأشخاص البدناء المصابين بداء السكري والذين يفقدون 10 كيلوجرامات من وزنهم الزائد.

بالإضافة إلى ذلك تشير الدراسات إلى أن البدانة يمكن أن ترتبط حتى بزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطانات بما في ذلك سرطان الثدي وعنق الرحم والمبيض والقناة الصفراوية والقولون والمستقيم والبروستات. ومن المرجح أيضاً أن يعاني البدناء من العقم. وقد تؤدي هذه المخاطر والمضاعفات أيضاً إلى ضرر نفسي للشخص.

للحصول على فكرة أفضل عن المخاطر التي ذكرناها للتو سنتحدث أكثر عن الأرقام. فقد أفادت دراسات مختلفة أن احتمالية الإصابة بداء السكري والنوبات القلبية لدى البدناء أعلى من 3 إلى 10 مرات مقارنة بذوي الوزن الصحي. وهذا الرقم يرتفع أكثر حتى عندما يتعلق الأمر بهشاشة العظام. فقد أظهرت الدراسات أن البدانة يمكن أن تزيد خطر الإصابة بالتهاب المفاصل 14 مرة، وهو أمر لا يمكن تجاهله.

بشكل عام ينبغي على الأشخاص الذين يزيد مؤشر كتلة الجسم لديهم عن 30 أن يأخذوا حالتهم بجدية أكبر ويفكروا بطرق لإنقاص الوزن لمعالجة البدانة التي يعانون منها.

ما هي أسباب البدانة؟

قبل المضي نحو العلاجات والحلول فإننا نحتاج دائماً إلى تكوين فكرة عن الأسباب الكامنة وراء البدانة.

البدانة بشكل عام هي نتيجة عدم التوازن بين تناول السعرات الحرارية واستهلاكها عندما تكون كمية السعرات الحرارية الداخلة أكبر من الكمية المستهلكة مما يؤدي إلى تراكم السعرات الحرارية الزائدة على شكل دهون زائدة.

هناك عدة عوامل يمكن أن تسهم في هذا الخلل وتقود بالتالي إلى البدانة.

في حين أن الجينات قد تلعب دوراً أيضاً إلا أن العامل الأكثر أهمية هو نمط الحياة غير الصحي الذي يتمثل ببساطة باستهلاك كميات كبيرة من الوجبات السريعة والمشروبات المحلاة إلى جانب الخمول البدني.

قراءة المزيد: سبع خرافات عن عمليات إنقاص الوزن.

كيف نعالج البدانة؟

بحسب وزنك ومؤشر كتلة جسمك فإن هناك طرقاً مختلفة يمكن أن تساعدك على إنقاص الوزن.

مثلما تحدثنا سابقاً فإن امتلاك مؤشر كتلة جسم يتراوح من 18.5 إلى 25 يُعتبر أمراً طبيعياً، ولذلك كل ما عليك القيام به هو التأكد من بقاء وزنك في هذا النطاق والحفاظ على حالتك الصحية من خلال اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية بانتظام

المجموعة 1: الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو الذين لديهم مؤشر كتلة جسم من 25 إلى 30

مثلما ذكرنا سابقاً فإن الأشخاص الذين في هذه المجموعة يُعتبرون ذوي وزن زائد لكن الأمر الأكثر صحية لهم هو محاولة الوصول إلى الوزن الطبيعي وذلك لتجنب المضاعفات المحتملة. في مثل هذه الحالات قد يكون اتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية مفيداً للغاية. يمكنك أيضاً تناول بعض حبوب إنقاص الوزن. لكنك لست بحاجة إلى البحث عن حلول جراحية.

المجموعة 2: الأشخاص البدناء أو الذين لديهم مؤشر كتلة جسم أعلى من 30

الأشخاص الذين يندرجون في هذه الفئة يُعتبرون بدناء ويحتاجون إلى زيارة دكتور لمناقشة خيارات العلاج.

هناك العديد من عمليات إنقاص الوزن المعروفة أيضاً باسم جراحات البدانة التي تهدف إلى علاج السمنة مثل بالون المعدة وربط المعدة وطي المعدة وتكميم المعدة ومجازاة المعدة (المصغرة). لكن بماذا تختلف هذه العمليات الجراحية عن بعضها؟ بشكل عام يتم إجراؤها جميعاً للمساعدة في الحد من تناول السعرات الحرارية مما يمنحك فرصة للالتزام بنمط حياة صحي أكثر بسهولة أكبر. دعونا نلقي نظرة سريعة على كل من هذه العمليات لمعرفة ما هي أفضل عملية بدانة طبية بالنسبة لك.

بالون المعدة: بالون المعدة هو طريقة غير توغلية لإنقاص الوزن، ويتم فيها وضع بالون مملوء بمحلول ملحي في المعدة بحيث يملأ حوالي ثلث حجم المعدة مما يساعدك على الشعور بالشبع بسرعة أكبر ويجعل تناولك للطعام أقل.

ربط المعدة: عملية حزام المعدة القابل للضبط بالمنظار (LAGB) هي جراحة تقييدية أخرى لإنقاص الوزن تهدف إلى الحد من حجم المعدة لكن هذه المرة عن طريق زرع شريط سيليكون قابل للتعديل في الجزء العلوي من المعدة لتقليل تناول الطعام وإبطاء مرور الطعام من خلال المعدة مما يساعد على إنقاص الوزن. هذه العملية قابلة للعكس عن طريق إزالة الحزام.

طي المعدة: عملية طي المعدة هي عملية تنظيرية قليلة التوغل يتم فيها تقليل سعة المعدة عن طريق طي المعدة على نفسها باستخدام الغرز الجراحية.

المجازة المعدية: تُعرف هذه العملية أيضاً باسم تحويل مسار المعدة وتتضمن إنشاء جيب صغير في أعلى المعدة وربطه مباشرةً بالأمعاء الدقيقة لتجاوز باقي المعدة. في هذه العملية أيضاً ستكون النتيجة تناول كميات أقل من الطعام والسعرات الحرارية.

المجازة المعدية المصغرة: تُعرف أيضاً باسم تحويل مسار المعدة المصغر، وهي نسخة أحدث من المجازة المعدية وأقل تعقيداً منها وتحتاج إلى وقت أقل وتنطوي على تغيير مسار أقل للأمعاء.

تكميم المعدة: عملية تكميم المعدة هي ببساطة استئصال جراحي لجزء كبير من معدتك لتقليل حجمها بشكل دائم.

عليك استشارة طبيبك لمعرفة أفضل عملية بدانة لحالتك. لكن هذا يعتمد أيضاً على درجة البدانة التي تعاني منها.

في حين أن الأشخاص الذين يزيد مؤشر كتلة الجسم لديهم عن 30 يُعتبرون بدناء بشكل عام إلا أن هناك ثلاث درجات من البدانة: الدرجة الأولى (مؤشر كتلة الجسم من 30 إلى 35)، الدرجة الثانية (مؤشر كتلة الجسم من 35 إلى 40)، الدرجة الثالثة (مؤشر كتلة الجسم أكبر من 40)

ما هو أفضل علاج بدانة بالنسبة لي؟

بناءً على درجة البدانة التي لديك وعلى جنسك أيضاً قد يكون لديك خيار واحد أو أكثر. يبين الجدول التالي خيارات أفضل عمليات البدانة لك بناءً على حالتك. حتى نجعل الأمر أكثر دقة فقد قمنا بتصنيف البدانة إلى 5 فئات.

خيارات جراحة البدانة بناءً على حالة المريض التي تتمثل في مؤشر كتلة الجسم والجنس.

BMI	جنس	بالون المعدة	ربط المعدة	طي المعدة	تكميم المعدة	المجازة المعدية المصغرة	المجازة المعدية
30≤BMI<35	ذکر	✔
	أنثی	✔	✔	✔
35≤BMI<40	ذکر				✔
	أنثی				✔
40≤BMI<45	ذکر				✔
	أنثی				✔		✔
45≤BMI<50	ذکر				✔
	أنثی						✔
50≤BMI	ذکر					✔	✔
	أنثی					✔

قراءة المزيد: لنبدأ يومنا بشكل صحيح: وجبة فطور صحية ونظام غذائي فعال لفقدان الوزن واللياقة البدنية.

خاتمة

بناءً على حالتك قد يتوصل طبيبك معك إلى اختيار إحدى الطرق المذكورة أعلاه. في بعض الأحيان قد تجبرك شدة حالتك على اختيار طريقة جراحية أشد توغلاً لمجرد الحصول على وزن أقل خلال وقت أقصر. ومع ذلك في حالات أخرى قد تكون الطريقة الأقل توغلاً مثل بالون المعدة أكثر فاعلية في تقليل مخاطر حدوث مضاعفات ما بعد العملية.

ما ينبغي عليك عدم نسيانه أبداً هو أن كل طرق إنقاص الوزن هذه تعمل بشكل أفضل جنباً إلى جنب مع نمط حياة صحي مما يعني أنه يجب عليك أيضاً التعاون في تناول كميات أقل من الطعام الصحي أكثر وممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتحقيق الوزن المطلوب والحفاظ عليه وتحسين نوعية حياتك وتقليل مخاطر حدوث مضاعفات أخرى.