
تم نشره في 28 فبراير 2025
الذكاء الاصطناعي ومستقبل الشركات الناشئة: محاضرة محمد نصري حول الذكاء التطبيقي
تم التحقق من الحقيقة
في 21 فبراير 2025، اجتمع عدد من رواد الأعمال والمهنيين في مجال التكنولوجيا لمناقشة الدور المتطور للذكاء الاصطناعي (AI) في تشكيل العمليات التجارية. وكان من بين المشاركين محمد نصري، الشريك المؤسس لشركة بلورنس، حيث ألقى جلسة متميزة حول دمج الذكاء الاصطناعي بشكل عملي داخل الشركات الناشئة، وكيف يمكن للأعمال أن تواكب التغيرات في هذا المشهد سريع التطور.
الذكاء الاصطناعي كجزء من البنية التحتية، وليس مجرد ميزة إضافية
أكد نصري أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ميزة اختيارية يمكن للشركات تجربتها في وقت الفراغ، بل أصبح جزءًا من العمود الفقري التشغيلي للعديد من الصناعات.
وأوضح أن استخدام الذكاء الاصطناعي لا يقتصر فقط على أدوات مواجهة العملاء مثل الدردشة الآلية أو المساعدات الصوتية، بل يمتد ليشمل تطبيقات أوسع بكثير مثل تحليل البيانات، وأتمتة العمليات، وتحسين سلاسل الإمداد.
وبالنسبة للشركات الناشئة، فإن دمج الذكاء الاصطناعي لا يعني إضافة أداة لحل مشكلة محددة فقط، بل هو دعوة لإعادة التفكير في كيفية تحسين العمليات الداخلية واتخاذ قرارات أكثر ذكاءً. وأشار نصري إلى أن تجاهل الذكاء الاصطناعي في التخطيط الاستراتيجي قد يعني التخلف عن المنافسين الذين بدأوا بالفعل في تبنيه.
الذكاء الموزع: تشبيه بشبكة الكهرباء
لتبسيط فهمه لدمج الذكاء الاصطناعي في الأعمال، استخدم نصري تشبيهًا بشبكة الكهرباء. ففي السابق، كانت المصانع تُضطر لتوليد طاقتها الخاصة. ومع ظهور شبكات الكهرباء، أصبح بإمكانها ببساطة "الاشتراك" في هذه الشبكة.
ويرى نصري أن الذكاء الاصطناعي يمر اليوم بتحول مشابه. حيث تتم معالجة الجزء الأكبر من العمليات الحسابية في البُنى التحتية السحابية أو مراكز البيانات، وتستفيد الشركات من هذه القدرات عبر التطبيقات والأجهزة.
هذا النموذج يمنح الشركات، وخاصة الناشئة، إمكانية الوصول إلى قدرات الذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية أو فرق متخصصة. تمامًا كما نستخدم الكهرباء، يمكننا الآن "توصيل" أدوات الذكاء الاصطناعي حسب الحاجة.

التوحيد المعرفي وتبعاته
أشار نصري إلى أن الاعتماد المتزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات يؤدي إلى نوع من "التوحيد المعرفي". فبدلاً من أن تعتمد جودة القرارات على الخبرة الفردية، أصبحت القرارات تعتمد بشكل متزايد على تحليل البيانات والتوصيات الصادرة عن الأنظمة الذكية.
هذا التطور يشبه ما حدث في الثورات الصناعية السابقة، حيث استُبدلت الأيدي العاملة بالآلات. واليوم، بدأت بعض المهام الذهنية تُدار بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي.
ورغم أن ذلك يعزز الكفاءة، إلا أن نصري نبه إلى ضرورة التفكير في دور العقل البشري في اتخاذ القرارات. إذ يجب على الشركات أن تحدد بدقة أين يجب أن يتدخل الإنسان وأين يمكن أن تتولى الآلة المهمة.
تقييم دور الذكاء الاصطناعي في العمليات التجارية
ركز نصري على أهمية أن تقوم الشركات بتقييم دقيق لدور الذكاء الاصطناعي في هيكلها التشغيلي. وقدّم نهجًا من مرحلتين:
-
تبنّي أدوات الذكاء الاصطناعي الجاهزة للمهام الأساسية مثل خدمة العملاء، وجدولة المواعيد، أو فرز البيانات. هذه الأدوات تحقق نتائج سريعة وتُعالج احتياجات عامة.
-
تخصيص ودمج الذكاء الاصطناعي في سير العمل الأساسي، بحيث يتماشى مع أهداف الشركة وتدفق البيانات واحتياجات العملاء. هذا هو ما يحوّل الذكاء الاصطناعي إلى عنصر فعال في نموذج العمل.
في شركة بلورنس، يتم تطبيق هذا النهج في قطاع الرعاية الصحية التجميلية، حيث يواجه المستخدمون خيارات متعددة دون توجيه واضح. وهنا تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي بتحليل تفضيلات المستخدم وتجاربهم السابقة وآراء الخبراء لتقديم توصيات شخصية تُسهم في تقليل التردد وتمكين المستخدمين من اتخاذ قرارات واعية.
وشدد نصري على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يخدم هدفًا واضحًا ويحل مشكلة حقيقية، وإلا سيبقى ميزة مهملة أو غير مُستغلة.

الدمج العملي بدلاً من المراقبة
في ختام الجلسة، حث نصري قادة الأعمال على تجاوز مرحلة المراقبة والتجريب، والانخراط في دمج الذكاء الاصطناعي ضمن العمليات اليومية بطريقة تُحدث أثرًا ملموسًا.
لم يكن الهدف من حديثه استبعاد العنصر البشري، بل التركيز على تحديد المجالات التي يمكن فيها للذكاء الاصطناعي أن يُحسّن أو يُوسع القدرات البشرية. وبهذا النهج، يمكن للشركات الناشئة تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف وتقديم قيمة أكبر للعملاء.
وكان السؤال الذي تركه للجمهور:
أين يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا نشطًا في عملياتك؟ وكيف يُساهم في حل مشكلاتك الحقيقية؟














